-->
404
نعتذر , لا نستطيع ايجاد الصفحة المطلوبة

خاطرة للكاتبة العظيمة سلمى الجابري

فكّر.. فكّر طويلا
بأشلائك القابلة للتهشّم في أية لحظة
فكّر بالوجوه التي كنت شاهدًا على حقيقتها دون أي قناعٍ يذكر
فكّر بعمرك المتسارع، البطيء، المتوقف عند مزاجيّة من يراك
فكّر بكمية الغبار التي قد تحطّ من فوقك دون رغبةٍ منك
فكّر بلمعانك حينما تجذب الضوء نحوك
.
فكّر بقلق المرآة، بثقتها، بصمتها الآسن،
بصمتها المخيف رغمًا عن أسئلتنا المتكررة أمامها،
رغمًا عن انهيارنا،
عن خضوعنا،
عن ادعائنا بأن كل شيء على ما يرام، ولا شيء فينا على ما يرام
.
فكّر يا صديقي بقبح المشهد، بابتذاله، حينما ترى ما لا يتوجب عليك رؤيته، حينما تقع عينك على ما لم تكن تتوقعه، تتخيله، تترقبه.
.
فكّر حينما تصبح شاهدًا على كل تلك الخيبة دون قدرة منك على أن تغمض عينك، تغمضها بقوة، كي لا تترسخ بداخلك أكثر
لكن في النهاية لا تنسى أنك مرآة، مهمتك هي أن تكون مبصرًا على كل العبثية التي قد تتعرض لها رغمًا عن إرادتك.
.
كم هو مؤلم أن تكون متاحًا للجميع، قابلا للجرحِ، للخدشِ، لفقدانِ كل ما يمدك بالحياة، فقط لأنك تصمت أكثر مما يجب.
.
نحن لا نأخذ وضعية الجمود إلا عندما يقصمنا الألم مرارًا وتكرارًا، وكأن كل غصّة كنا نشعر بها لا تكفي لصدِ أي وجعٍ مارق.
.
كثيرةٌ هي الأشياء التي تشبهنا بحزنها الصامت، وعلى سبيل الحصر: الظلال الممتدة من خلفنا، من كلِ جهاتنا، تتبعنا بلا صوتٍ يُسمع، لا مشكلة لديها بأن تبقى عرضةً للدهس ولرحمةِ الأقدام
.
الأزقة التي تجتاحها العتمة، تبعد عنها الضوء، تغطيها بالسواد؛ كي تدبّ الخوف بقلبِ المارة، المشردين، والعشاق.
تلك الأزقة لا صوت لها رغمًا عن كآبتها
ماذا عن الرسائل التي لم تصل لعينِ من ينتظرها؟
ماذا عن تلفها، عن ضياعها، أو حتى حرقها؟ ماذا عن محتواها الذي يريد وبشدّة أن يتحدث؟ أن يقول بأني أعرف الطريق جيدًا لكن لا قدم لي للسير؟!
.
كل تلك الأشياء لو منحها الله صوتًا؛ لكانت شاركتنا ذات الدمعِ والاحتياج..
.
أشياءٌ كثيرة تشبهنا.. ونشبهها

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

copy 2016 جميع الحقوق محفوظه أوسكار الأدب
تصميم : AHMAD